عندما بدأت الإشاعات بالظهور حول تعاون غوغل مع شركة موتورولا التابعة لها لإنتاج هاتف بارز ومميز، تبادر إلى توقعات الجميع الافتراض البديهي، وهو أن الهاتف الذي يحمل الاسم الرمزي X Phone والاسم التجاري Moto X سيكون نسخة طبق الأصل من الناحية البرمجية عن هواتف Nexus الرسمية من غوغل، أي أنه يعمل بنسخة أندرويد الصافية والأساسية.
مثل هذا التوقع هو بديهي ولا غبار عليه، في النهاية موتورولا هي شركة تابعة لغوغل، وغوغل هي الشركة المطورة لأندرويد، ومن غير الوارد أن تقوم الشركة بإنتاج هواتف لا تعمل بنسخة أندرويد الصافية التي عرفناها في هواتف Nexus. من الوارد أن تقوم الشركات الأخرى بعمل واجهات خاصة لها في أندرويد، ودعم نظام التشغيل بتطبيقات وميزات برمجية جديدة كما تفعل سامسونج وإتش تي سي وغيرها، لكن هل من المعقول أن تقوم غوغل بالعمل على نسخة ثانية معدلة من أندرويد بميزات برمجية جديدة غير موجودة في نسخة هواتف Nexus؟ هذا لم يكن متوقعًا لكن يبدو أن هذا هو الحال في Moto X، ليس إلى درجة طرح واجهات جديدة بالطبع، لكن من حيث طرح ميزات برمجية جديدة ليست موجودة في نسخة أندرويد الأساسية.
من المنتظر أن تكشف موتورولا عن الجهاز بعد أيام قليلة خلال حدث خاص في 1 آب/أغسطس. لكننا أصبحنا نعرف الكثير من ميزات الجهاز العتادية والبرمجية بفضل مجموعة كبيرة من التسريبات الدقيقة. وقد اعتقد معظمنا بأن كل هذه الميزات الجديدة التي شاهدناها في تسريبات Moto X ستصل كميزات مع نسخة أندرويد 4.3 التي طرحتها غوغل منذ أيام، لكن المفاجأة كانت أن أندرويد 4.3 لم يقدم أيًا من ميزات Moto X رغم أن هذا الأخير يعمل بنفس النسخة كذلك، فتأكدنا حينها بأن الهاتف سيحمل ميزات برمجية لا تحملها النسخة الأساسية من أندرويد رغم أنه من تطوير غوغل نفسها.
هاتف Moto X يعمل بواجهات أندرويد الأساسية، لا توجد تعديلات أو أي إضافات على الواجهات هنا، لكن الجديد هو الميزات البرمجية الجديدة التي يقدمها الجهاز، ولم تطرحها غوغل في النسخة الرسمية من أندرويد.
من هذه الميزات التي عرفناها حتى الآن ميزة Active Notifications، التي تقوم بإظهار التنبيهات على شاشة الهاتف حتى عندما تكون مغلقة، كبديل عن الضوء التنبيهي الموجود في أجهزة Nexus. ويمكن التحكم بهذه التنبيهات عن طريق السحب، فيمكن السحب للأسفل من أجل فتح قفل الهاتف، أو إزالة التنبيهات عن طريق السحب يمينًا ويسارًا، والسحب للأعلى من أجل الذهاب إلى التنبيه بشكلٍ مباشر. هذه الميزة تستفيد من تقنية في الهاتف تدعى Active Display تقوم فقط بإضاءة البيكسلات المسؤولة عن إظهار التنبيه لفترة قصيرة ثم إطفائها توفيرًا للبطارية.
وعرفنا من التسريبات ميزة جديدة تساعد في عمل مزامنة ما بين الهاتف وجهاز الكمبيوتر من أجل إرسال واستقبال الرسائل النصية عن طريق الكمبيوتر، وكذلك تتبع تنبيهات المكالمات الواردة، ويتم ذلك عن طريق إضافة لمتصفح كروم سيتم إطلاقها عند الإعلان عن الهاتف.
ويقدم الجهاز كذلك ميزة تتيح العثور على الهاتف في حال فقدانه والتحكم به عن بعد، وهو أمر مشابه لما تقدمه الكثير من التطبيقات على متجر غوغل بلاي وما تقدمه بعض الشركات كميزة ضمن واجهاتها المخصصة، لكن غوغل لم تقدم هذه الميزة كأحد الميزات المدمجة في أندرويد، إلا أننا سنراها في Moto X.
وسنشاهد في Moto X ميزات مثل Motorola Migrate التي توفر طريقة متقدمة لنقل الملفات والإعدادات والبيانات تلقائيًا من هاتفك القديم إلى الجديد، و Motorola Assist التي تقدم ميزات شبيهة بتطبيق Tasker الذي يقوم تلقائيًا بتغيير إعدادات الهاتف بحسب عدد من الشروط كموقعك الجغرافي أو الوقت أو أي معايير أخرى.
وطبعًا هناك ميزة الأوامر الصوتية دائمة التشغيل Always-on Voice Commands التي تتيح استخدام البحث الصوتي و Google Now لكن دون لمس الجهاز، أي أن الهاتف جاهز ومستعد دائمًا لتلقي الأوامر. وهناك تطبيق الكاميرا الجديد بواجهته البسيطة والعملية وإمكانية تشغيل الكاميرا بالإيماءة لفتح تطبيق الكاميرا والتقاط الصور بسرعة عبر هز الهاتف من خلال تدوير المعصم مرتين. ناهيك عن الكاميرا بتقنية Clear Pixel الجديدة التي لا نعرف عنها الكثير بعد، وهي أمر عتادي بالطبع لكن هناك برمجيًا ما يدعم هذه التقنية بالتأكيد.
حسنًا، نعود إلى السؤال الأول: لماذا لم تطرح غوغل كل هذه الميزات في نسخة أندرويد 4.3 الرسمية؟ هل هذا يعني بأن غوغل ستعمل على تطوير نسختي أندرويد، واحدة هي النسخة التي يحصل عليها الجميع وواحدة هي النسخة (المدللة) التي تحتوي على ميزات برمجية حديثة من تطوير غوغل نفسها وهي خاصة بهواتف Moto X؟
الجواب هو: لا. لا يمككنا قياس الأمر بهذه الطريقة. فهاتف Moto X يجب عليه أن يكون متميزًا بميزات خاصة به لسببين: الأول هو أن غوغل ما زالت تريد متابعة برنامج Nexus بوضعه الحالي القائم على الاتفاق مع شركات مختلفة لإنتاج الهواتف بنسخة أندرويد الرسمية كي تحافظ على إعطاء فرص متساوية ومتماثلة لجميع الشركات المُنتجة لهواتف أندرويد، فتحويل برنامج Nexus لشركة موتورولا سيُفهم على أنه تفضيل من غوغل لشركتها على الشركات الأخرى وهذا منافٍ لانفتاح أندرويد ولما تؤكده غوغل دائمًا حول عدم تفضيل شركة دونًا عن الأخرى. والمحافظة على (برنامجي Nexus) واحد خاص بموتورولا وآخر خاص بالشركات الأخرى، يبدو أمرًا مُربكًا من الناحية التسويقية وربما التطويرية بالنسبة لغوغل وموتورولا. لابد لموتورولا أن تبيع شيئًا مميزًا عن الآخرين من الناحية التسويقية حتى لو كانت شركة تابعة لغوغل.
لكن السبب الثاني هو الأهم. لماذا تريد غوغل طرح ميزات برمجية في Moto X غير موجودة في النسخة الأساسية من أندرويد رغم أنها قائمة على تطوير كلتا النسختين؟ لماذا لا تطرح لنا جميع هذه الميزات البرمجية الجميلة لجميع مستخدمي أندرويد؟ الجواب هو: التجريب. إن غوغل باتت بحاجة إلى مساحة لعب تجريبية تقوم فيها باختبار الكثير من الميزات، منها ما قد يكون جميلًا، ومنها ما قد يكون بسيطًا أو حتى سخيفًا، ومنها ما قد يكون مجنونًا من النوع الذي قد ينجح نجاحًا كبيرًا، أو يفشل فشلًا ذريعًا (أندرويد نفسه كان أحد هذه التجارب المجنونة قبل سنوات). إن غوغل شركة تحب التجريب والاختبار، وخاصةً تجريب الميزات قبل انتهاء تطويرها بشكل كامل.
المشكلة بالنسبة لغوغل هي أن أندرويد وصل إلى مرحلة بات الحذر فيها مطلوبًا من جهة التطوير. لقد وصلت غوغل إلى مرحلة يتم فيها تفعيل 1.5 مليون جهاز بنظام أندرويد يوميًا، أي هناك في كل ثانية 17 شخصًا حول العالم يشترون أجهزة أندرويد جديدة ويقومون بتفعيلها. واقترب العدد الكلي من أجهزة أندرويد المفعّلة من الوصول إلى مليار جهاز.
هذه مسؤولية كبيرة، أن تقوم بتطوير نظام تشغيل يستخدمه مليار شخص حول العالم هو مسؤولية كبيرة. يعلم أي شخص لديه اطّلاع ولو بسيط على مجال تطوير البرمجيات ما معنى أن تكتب برنامجًا يصل عدد مستخدميه إلى مليار شخص! ماذا لو كنا نتحدث عن نظام تشغيل كامل وليس برنامج، ونظام تشغيل مرتبط بخدمات سحابية متنوعة. لم يعد الآن تطوير أندرويد سهلًا على غوغل كما كان عليه في الماضي. إن كل ميزة أو تطوير مهما كان صغيرًا يحتاج إلى كمية هائلة من الدراسة والاختبار قبل اعتماده في أندرويد. ليس واردًا أن تطرح غوغل في كل تحديث 10 ميزات رئيسية جديدة (مثلًا) ثم تقول: حسنًا، دعنا نجرب!
مهما كان لدى غوغل أقسام وموظفين يعملون على اختبار الميزات، لا أحد يستطيع أن يتنبأ كيف ستكون ردة فعل المستخدم العادي على هذه الميزة لدى وصولها إلى السوق. هل ستعجبه؟ هل سيستخدمها؟ هل سيراها مفيدة؟ هل ستسبب مشاكل ما غير متوقعة؟ لهذا باتت غوغل بحاجة إلى مساحة للّعب. مساحة حيث تستطيع طرح الميزات واختبارها مع فئة محدودة من المستخدمين (أصحاب Moto X) قبل أن تقرر طرحها في النسخة الرسمية من أندرويد.
بالطبع هذا لا يعني بأنك إذا اشتريت Moto X ستحصل على ميزات (تجريبية) أو غير مكتملة أو ما شابه. ليس هذا المقصود، لكن الميزات الجديدة أصبحت بحاجة كي تمر بمرحلة أولى قبل اعتمادها في أندرويد. هذه المرحلة الأولى ستساعد غوغل على ابتكار أفكار وإلغاء أفكار، وجمع كل هذه الأفكار معًا للوصول إلى أفكار أخرى جديدة كليًا وجديرة بالدمج مع النسخة الرسمية من أندرويد.
ميزة مثل Active Display غير ممكنة إلا مع الأجهزة التي تحمل شاشات AMOLED، لهذا قد لا تدعمها غوغل في نسخة أندرويد الرسمية حيث يعمل أندرويد على مختلف أنواع الشاشات الأخرى، لكنها ستجرب الفكرة لأنها جميلة، قد تقرر في النهاية وضعها كخيار للمستخدم، أو قد تتطور تقنيات الشاشات أو تقنيات البطارية مستقبلًا وستكون التقنية جاهزة لدى غوغل. أما ميزة مثل الأوامر الصوتية دائمة التشغيل فسنراها بالتأكيد كإحدى ميزات Google Now في نسخ أندرويد القادمة، وكذلك ميزة الحصول على التنبيهات والمكالمات الواردة على جهاز الكمبيوتر مباشرةً عبر كروم.
لهذا ستكون هواتف Moto X نافذة تتيح لنا دائمًا الاطلاع على لمحة من الجديد القادم في أندرويد، وستكون بالنسبة لغوغل بمثابة (فأر تجارب) يسمح لها باختبار الميزات الرائعة الجديدة قبل طرحها على مستوى أكبر في النسخة الرسمية المتوفرة للجميع من أندرويد. بالتأكيد سيحافظ Moto X على بعض الميزات الخاصة به، لكن أتوقع بأن معظم ما سنراه في هذا الهاتف سواء في نسخته الحالية أو في إصداراته القادمة، سينتقل تباعًا إلى أندرويد دون أن يمنع هذا بالطبع أن تُخبىء الشركة بعض المفاجآت التي ستطرحها للمرة الأولى في نسخ أندرويد الرسمية كذلك.
هذا مجرد توقع وتحليل منطقي لما نراه الآن. دعنا نعرف رأيك في هذا الموضوع وفي سياسة غوغل الجديدة هذه لو صح التحليل.